

دمشق، 6 تشرين الأوّل/ أكتوبر، 2025— يُقيم المركز الدّوليّ للعدالة الانتقاليّة وشركاؤه في مشروع “جسور الحقيقة” حفلًا في دمشق في 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر، من أجلِ عرضِ خلاصاتٍ من تقريرهم الأخير حول الحوارات المُجتمعيّة التي عُقدت في شهر نيسان/ أبريل في سوريا، كما من أجل الاحتفال بمرور ثمانية أعوام على تأسيس المشروع. وسيجمعُ الحفل حشدًا غفيرًا من ممثّلي المجتمع المدنيّ، والضّحايا وأفراد العائلات، ومسؤولين حكوميّين وصنّاع سياسات دوليّين، لِيتداولوا في العبر المُستخلصة من الحوارات وفي ما يمكنهم تقديمه من مساهماتٍ لِرفد جهود العدالة المبذولة حاليًّا في سوريا.
ومشروع “جسور الحقيقة” هو ثمرة تعاون بين المركز الدّوليّ للعدالة الانتقاليّة وسبع منظّماتِ مجتمعٍ مدنيّ رائدة في سوريا، هي: المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، ومركز المجتمع المدني والديمقراطية، ودولتي، وبدائل، واليوم التالي، ومحامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان، والمعهد السوري للعدالة. ويقومُ هذا المشروع، الذي أُطلِقَ في العام 2017، على التّوعية بالمِحنة التي يقاسيها المُعتقلون والمخفيون قسرًا وعائلاتهم، كما على مناصرة إحقاق العدالة من أجل ضحايا النّزاع السّوريّ ونظام القمع البائد الذين لا يُحصونَ عددًا.
في شهر نيسان/ أبريل المنصرم، زارَ فريق “جسور الحقيقة” سوريا للمرّة الأولى بعد أن سقطَ نظام بشّار الأسد في كانون الأوّل/ ديسمبر في العام 2024. فعلى مدى سنواتٍ طوال، دأب فريق المشروع على إنجاز عمله من الخارج، وذلك بسببِ أعمال العنف والقمع التي كانت دائرة في البلد. أمّا أوّل نشاطٍ نظّمه الفريق على أرضِ الوطن، فكانَ عقد سبع جلساتِ حوار مُجتمعيّ في مدنٍ شتّى، استطاعَ خلالها أكثر من 133 رجلًا وامرأة وشابًّا وشابّةً من مُختلف الجماعات، أن يرووا قصصَهم ويتحدّثوا عن معاناتهم واحتياجاتهم، ويعبّروا عن آمالهم في إحقاق العدالة وإعادة الإعمار وتحقيق المُصالحة.
وفي ضوءِ ذلك، أعدّ فريق “جسور الحقيقة” تقريرًا، عنوانُه “ألمنا يصير سياسةً“، وَلّفَ بعضًا من وجهات النّظر التي أُبدَيَت خلال الحوارات، وقدّم تحليلًا لِسبل المضيّ قدمًا بالعدالة الانتقاليّة في سوريا، واقترحَ عددًا من الخطوات المُمكن تطبيقها في المدى المنظور والرّامية إلى إرساء السّلام وتعزيز الأمن والتّقدّم بمسار العدالة. وفي هذا الصّدد، قالَت السيدة نوشا قبوات، مديرة برنامج سوريا في المركز الدولي للعدالة الانتقالية إنّ “التّقرير أتاح لنا فهمًا أعمق للاحتياجات والتحديات التي يواجهها السوريون، الذين أظهروا بدورهم رغبة جماعية في إحقاق العدالة. وقد أكّدوا أنّ العدالة يجب أن تكون اشتماليّة وشفافة، ومبنية من القاعدة إلى القمة.”
وتُشكّل هذه الحوارات، والتّقرير المُنبثق عنها، أوّل إنجازٍ يُحقّقه مشروع “جسور الحقيقة” داخل سوريا. وقد علّقت رلى بغدادي، المديرة التّنفيذيّة في منظمة دولتي، على ذلك قائلةً: “الطريق لم يكن سهلًا، لكنّ العمل المُتراكم لِسنوات يُترجم الآن من خلال هذا التقرير الذي يمثّل محطّة مهمّة وبداية لمرحلة جديدة بآفاق أوسع وحضور أقوى على الأرض، وإرادة لا تعرف الكلل.”
ويحتفي الحفل المُزمع عقده في 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر، بمرور ثمانية أعوام على تأسيس مشروع “جسور الحقيقة” الذي لم يألُ يومًا جهدًا من أجلِ مناصرة حقوق الضّحايا السّوريّين وعائلاتهم، ولم يتوانَ عن قيادَة العمل الرّائد في مجالَيْ الحقيقة والمحاسبة. فقد استطاعَ الفريق، عبر أبحاثِه التي كانت الأولى من نوعها، أن يُسلّط الضّوء على وقع النّزاع البليغ في الأطفال والمعتقلين والمخفيين قسرًا وعائلاتهم. أمّا من خلال عقدِ الجلسات الاستشاريّة الدّوريّة، فقد ساعدَ الفريق الضّحايا وعائلاتهم على الاجتماعِ معًا وعلى التّعبير عن احتياجاتهم ومطالبهم في شأنِ العدالة أيضًا. هذا وقد ساهم الفريق في طرحِ مطالب الجالية السّوريّة في العالم ومطالب الضّحايا في سوريا، الذين، لولا ذلك، لَما كانت أصواتهم لتلقَى آذانًا مصغيةً فعلًا.
وعلى حدّ ما أوضحَهُ الدكتور محمود الأسود، المدير التّنفيذيّ في منظمة محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان، فإنّ رغبة المنظمات في التّعلم والاستمراريّة معًا، وتبادل المعرفة، وحرصها على الواقعية والقيادة الجماعية، كانت جميعها عوامل رئيسة في الحفاظ على تماسك المجموعة طوال هذه السنوات. وهذا ما أيّدَهُ مهنّد شرباتي، مدير مشروع توثيق الانتهاكات في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، فَصرّح قائلًا: “ما يميّز جسور الحقيقة هو المرونة والانسجام، وهو ما انعكس سرعةً في الاستجابة بعد سقوط النظام عبر تنظيم مشاورات مجتمعية في عدة مناطق داخل سوريا.”
__________